( الثورة)،(4)
فبادرت مجموعة مشتركة من النشطاء والمركزيين وهم: مصطفى بن بولعيد، ومحمد بوضياف، دخلي بشير، ورمضان بوشبوبة،(1)إلى تشكيل اللجنة الثورية للوحدة والعمل يوم 23 مارس 1954.(2)
وقد حاول أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل التوفيق بين جناحي الحزب المتنازعين، لكن باءت مساعيهم بالفشل، فعمدوا إلى الكشف عن هذه الخلافات للشعب، وعملوا على إقناعه بأهداف اللجنة الثورية. وقرروا تفجير الثورة بالوسائل المحلية وإشراك الشعب فيها، فوسعوا الاتصالات بالقاعدة النضالية وشرعوا في توفير الأسلحة بجميع أنواعها.
وفتحوا باب الإنخراط أما مجاميع القوات الحية، وبدأوا في تدريب المتطوعين على فنون الحرب، وبعد أن يئست من كل المحاولات لتوحيد الحزب، شرعت في الإعداد للثورة والتخطيط لها، وقد حلت اللجنة نفسها في 20 جويلية 1954،(3) حيث تقرر عقد اجتماع سري يحضره إطارات المنظمة العسكرية السرية المنحلة، المتواجدين عبر أنحاء الوطن بهدف توسيع الدائرة القيادية التي توكل إليها مهمة قيادة الثورة،(4) عرف هذا الاجتماع باجتماع "22" الذي عقد في النصف الثاني من شهر جوان 1954،(5) وتم في دار "إلياس دريس" بالمدنية بالعاصمة وتوج هذا الاجتماع باختيار طريق العمل المسلح كحل وحيد، وتفجير الثورة في تاريخ تحدده لجنة مصغرة، وقبل أن يفترق الحاضرون انتخبوا مسؤولا فوضوا اليه أمر تشكيل اللجنة التي تتولى الإعداد للثورة.
وقد تكونت هذه اللجنة من: مصطفى بن بولعيد، مراد ديدوش، العربي بن مهيدي، محمد بوضياف ورابح بيطاط، وإلتحق بالخمسة فيما بعد كريم بلقاسم وأصبحت تسمى بلجنة الستة.
بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء كانوا في الخارج وهم: أحمد بن بلة، محمد خيضر، حسين آيت أحمد.(6)
وعكفت هذه اللجنة على التحضير لإندلاع الثورة ودراسة الأوضاع في سرية تامة بعقدها لعدة اجتماعات من أهمها:
إجتماع 10 أكتوبر 1954:
عقدت لجنة الستة هذا الاجتماع بحي " الرايس حميدو" وتحت رئاسة "محمد بوضياف"، لدراسة الوضع ووضع برنامج للعمل العسكري وتقرر فيه تقسيم الجزائر إلى خمس مناطق وتعيين المسئولين عليها وأركان قيادتهم (1)كما يلي:
1-منطقة الأوراس النمامشة بقيادة مصطفى بن بولعيد.
2 -منطقة الشمال القسنطيني بقيادة ديدوش مراد.
3-منطقة القبائل بقيادة كريم بلقاسم.
4-منطقة الجزائر العاصمة وضواحيها بقيادة رابح بيطاط.
5-منطقة وهران بقيادة العربي بن مهيدي.
كما تم تكليف محمد بوضياف بمهمة التنسيق بين الداخل والخارج.(2)
وتم الاتفاق على زمن تفجير الثورة في كامل التراب الوطني باسم جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري جيش التحرير الوطني وحددوا الأسباب والأهداف والوسائل والشروط، وكلفوا بوضياف بتحريرها من منشور عرف فيما بعد ببيان أول نوفمبر.(3)
إجتماع 24 أكتوبر 1954:
هو آخر اجتماع عقده أعضاء لجنة الستة لوضع اللمسات الأخيرة لتفجير الثورة، وكان في منزل الإسكافي " مراد بوكشورة" بحي " الرايس حميدو" غرب باب الواد، راجعوا فيه المنشور وأكدوا بصفة نهائية على اليوم والساعة المحددين لبدء العمل المسلح وهو ليلة أول نوفمبر على الساعة الواحدة صباحا. وحرسوا قبل افتراقهم على أن لا يعلم أحد بالوقت المحدد للاندلاع الثورة إلاّ في الوقت المناسب، وإلتحق رؤساء المناطق الخمس بأماكن عملهم، وغادر بوضياف الجزائر إلى جنيف يوم 25 أكتوبر ليتوجه إلى القاهرة لإيصاله منشور البيان واطلاع قادة الخارج علية، ويذاع على أمواج إذاعة "صوت العرب" بالقاهرة.(4)
وهكذا أصبحت كل التنظيمات والترتيبات جاهزة لتفجير الثورة فلم يبق إلا انتصار ذلك اليوم الموعود لمفاجأة العدو، ووضع الأحزاب الوطنية أمام الأمر الواقع.
وهكذا فقد اضطلع التيار الثوري بالحقيقة الوطنية بشكل تام وعبر عن التطلعات العميقة للشعب الجزائري، واختار بالتأكيد الطريق الأصعب،